
رفاهيتك تشبه حساب التقاعد: كلما قمت بالاستثمار فيها في وقتٍ مبكر، زادت أرباحك.
ولم يكن الحال أفضل مع المتخصصات في الفلسفة، اللاتي واجهن مشاكل إهانات لفظية وجسدية ونبذ عام. إذ تحضر هنا المسائل الجنسية بمعناها العام بكثرة، وذلك حينما يتساءلون "ماذا تلبس، وكيف حصلت على نتيجتها ومقابل ماذا؟" وهذه أسلحة لتهديم وضرب الآخر".
بل اختلافهم في قطب رحى النسوية –الجنس والنوع الاجتماعي– كان محفزا للحوار حول تأثير الثقافة والمجتمع في مفاهيم الجسد والتجربة وحول مجاري تغير المجتمع إلى ما ينشده النسوية
فهو في سبيل تحديد السلوك المناسب الذي يقمن بكل من الجنسين يرحب بتفرقة ممقوتة باعثة على التحيز ضد المرأة. فالقصد هنا أن الجانب التفسيري لابد أن يضم إلى نفسه الجانب التبريري الذي يمثله الإطار أوالنظام أو الوسط الذي تظهر فيه الظاهرة، والذي يحدد لكل من الجنسين دورا، ويحله مكانة، لايرضاها أنصار النسوية.
اشتراكي الشمايتين يقر مصفوفة عمل للمرحلة القادمة ويؤكد اصطفافه إلى جانب قضايا المجتمع..
ولكن هذا لايعني أن النسوية لاتطأ الطرق المسلوكة، بل إنها لتتطرق إبان تفسيرها للتحيز الجنسي ومظاهره إلى قضايا، تعتني بها الفلسفة السائدة. فدرست في معرض الحديث عن الرعاية طبيعة “الذات”، وتطرقت أثناء دراستها للجنس إلى العلقة بين ماهو بالطبيعة وماهو من صنع المجتمع، وبحثت في غضون تصديها للتحيز الجنسي في مجال العلوم، فما يعد علما حقا.
قامت الفلسفة النسوية الحديثة في العقد الثامن من سنة ألف وتسعمائة حينما ازداد إقبال النسوة على الدراسات العليا وخاصة الفلسفة، وهن إبان ذلك طفقن يدققن في القضايا فلسفيا على أساس تجاربهن وفي ضوء خبراتهن. وما حداهن إلى ذلك هو وجودهن في الوسط الذي كان يشهد الحركة، بالإضافة إلى تخرجهم في مجال الفلسفة الذي لم يكن له آنذاك بـ الفلسفة النسوية عهد لامن قريب ولامن بعيد، حتى إن الكليات لاتزال حديثة عهد في مناهجهن بـ الفلسفة النسوية، وما كان متاحا لرائد قسم الفلسفة في الكليات أن يختار النسوية حتى عهد قريب. فكان الدارسون للفلسفة المعنيون بالحركة النسوية يستلهمون من كتابات السيدة “سيمون دي بوفوار” أو من كتابات من قبلها من صواحبات موجة النسوية الأولى مثل ماريه وولستونكرافت، ولكن معظم المفكرات اللاتي وضعن اللبنات الأولى لـ الفلسفة النسوية سخّرن ما اكتسبن من الخبرة الفلسفية السابقة لتحليل القضايا التي بعثتها وأثارتها حركة تحرير المرأة التي تحركت فيما بين العقدين السابع والثامن من سنة ألف وتسعمائة، كان من تلك القضايا الإجهاض والتمييز الإيجابي، وتكافؤ الفرص، ومؤسسة الزواج، والغزيرة الجنسية، والغرام.
العالم العربي الخليج شمال أفريقيا المشرق العربي شؤون إقليمية العالم
كان من النتيجة الطبيعة لذلك أن تخرج للنسوية تيارات متباينة في مناهجها ومتضاربة في جوابها عن الأسئلة إذ كان بين مناهلها بؤن بائن، ولم شاهد المزيد تصبغ بلون واحد، بل نجد عندها أكثر من ذلك، فكل تيار أبدى شكّا في جدوى المناهج الفلسفية التي تشبث بها غيره. فالنسوية التحليلية تتبجح بالوضوح والتمييز اللذين تتحلى بهما الفلسفة التحليلية وبعض مدارس الفلسفة القارية عطل منهما. ولكن ترد النسوية غير التحليلية عليها بأن الغنم بالغرم، فهذه الميزة تأتي على حساب أشياء، منها التنوع في البيان والفصاحة في الأسلوب، ومنها عناق الأمر الواقع وعدم البعد منه.
دونك قائمة لمقالات هذه الموسوعة المنخرطة إلى “مناهج النسوية” الغالبة (غلبة ربما تكون في بعض الأصقاع والبلاد)، فإنها تبين لك هذه المنازع والرؤى المتنوعة:
الشاعر فاضل الرضي /يكتب (( مُيَمّمُ )) خُذِينِي وَاْنْثُرِينِي يا سماءُ كُرُوبَاً لا سُوَاهَا في مَدَارِكْ وَب...
هل بإمكان المرأة أن تبتكر فكراً خاصاً بها، وما مكان المرأة في عالم الفلسفة والبحث العلمي وابتكار النظريات والإبداع الخلّاق المؤثر؟!
. لذلك فكل العلوم هي علوم إنسانية من زاوية إنجازها الفعلي، فلا يمكن تعيين خصائصها بمعزل عن ملامح الثقافة الإنسانية والتاريخ الإنساني واللغة الإنسانية والخبرة الإنسانية والاحتياجات والاهتمامات الإنسانية"( يمُنى طريف الخولي, مشكلة العلوم الإنسانية: تقنينها وإمكانية حلها، دار الثقافة، القاهرة ١٩٩٠. وتعد الفيلسوف العربية يمني طريف الخولي أهم من كتب في فلسفة العلوم والفلسفة النسوية. وحينما تستعيد المرأة الدهشة الفلسفية فهذا يعني أن محبة الحكمة عادت إلى منابعها الإنسانية الأصلية ورجعت إلى بيتها الحميم.
كتاب نساء فلاسفة من تأليف إمام عبد الفتاح إمام والحقوق الفكرية والأدبية للكتاب محفوظة للمؤلف